تعد الاستقامة على طريق الله من أهم الأسس التي تضمن للإنسان حياة مستقرة وسعيدة، بعيدة عن الهموم والانكسارات. عندما يجد الإنسان نفسه في ضيق بالعيش، وعندما تغمره الهموم وتنعكس أثارها على وجهه وحياته، عليه أن يدرك أنه بحاجة إلى مراجعة نفسه. قد تكون قلة الالتزام بطاعة الله واتباع رسوله الكريم هي السبب الرئيسي لهذه المشكلات التي تثقل كاهله. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ". إن هذا التحذير الإلهي يأتي لمن يخالف أوامر الله ورسوله، ليكون بمثابة تنبيه أن الابتعاد عن الطريق المستقيم له تبعاته في الدنيا والآخرة.
استمتع بحياة هادئة وسعيدة: باتباع أوامر الله |
الابتلاء في الدنيا والآخرة بسبب قلة الاستجابة لله
يقول بعض العلماء إن قلة الاستجابة لأوامر الله ورسوله هي أحد أسباب الفتن والعذاب الذي يعانيه بعض الناس في حياتهم اليومية. فقد يعيش الإنسان حياته وهو بعيد عن الطاعة، فيشعر بفقدان الراحة والسعادة، ويصبح عاجزًا عن تذوق طعم العزة أو الكرامة. قد يتمتع بمظاهر الرفاهية من المال والمكانة، لكنه يظل يشعر بالذل وعدم الاستقرار. في الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وجعل الذل والصغار على من خالف أمري". وبهذا يتضح أن العزة والرفعة تأتي من التمسك بطاعة الله واتباع هدي رسوله، بينما الذل يرافق من يختار مخالفة هذا النهج.
الاستجابة لأمر الله والرسول أساس الحياة الطيبة
أوصانا الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ". هذا النداء للمؤمنين يظهر بوضوح أن الاستجابة لأوامر الله والرسول هي مصدر الحياة الحقيقية، التي تجعل الإنسان يعيش حياة طيبة مستقرة. فرغم أن الإنسان قد يملك عينين ولسانًا وعقلًا وقلبًا ينبض، إلا أن حياة الإيمان تجعل روحه حية بحق، وتجعل حياته مستقرة بعيدًا عن المخاوف والهموم.
أهمية الامتثال الكامل لأوامر الله وعدم اختيار البدائل
يرتكب بعض الناس خطأ جسيمًا عندما يظنون أن لديهم الخيار في قبول أو رفض أوامر الله ورسوله. يقول الله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ". هذا التوجيه يشير إلى أن أوامر الله لا تقبل النقاش أو التأخير، بل يجب تنفيذها لأنها صادرة عن الخالق الحكيم الذي يعلم خير عباده. لكن بعض الناس قد يقعون في خطأ عرض هذه الأوامر على عقولهم، يرفضون ما لا يتناسب مع رغباتهم أو عاداتهم، فينتهي بهم الحال إلى حياة مليئة بالضيق والانكسار.
الكون كله يسير بأمر الله فلماذا يتردد الإنسان في طاعته؟
الكون بأسره يسير وفقًا لأمر الله ويخضع له، فكل مخلوق في هذا الكون العظيم يؤدي دوره ويمجد خالقه. يسبح الله سبحانه وتعالى كل شيء في هذا الكون، فلماذا لا يخضع الإنسان لأوامره؟ المؤمن يدرك أن الله اختاره ليكون خليفة على الأرض، وأعطاه الأمانة، وجعله مسؤولًا أمامه يوم القيامة عن أعماله واستجابته لأوامر الله ورسوله. من هذا المنطلق، فإن طاعة الرسول هي طاعة لله، كما قال تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا".
القصة الملهمة للصحابي في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن المواقف المؤثرة التي تظهر حرص الصحابة على طاعة رسول الله، هو موقف أحد الصحابة الذي كان يسير في طرقات المدينة، وقد كان رسول الله يخطب. بعد انتهاء الخطبة، رأى النبي الناس يقومون من أماكنهم، فنادى عليهم: "اجلسوا"، فجلس الصحابي فورًا في قارعة الطريق دون أن يسأل عن السبب. كان هذا الموقف نابعًا من الإيمان العميق بأن كل أمر يأتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من الله، لأن رسول الله لا ينطق عن الهوى. مر النبي عليه الصلاة والسلام بالصحابي، وسأله: "مالك؟"، فأجابه الصحابي: "سمعتك تقول اجلسوا، فجلست". عندها دعا له النبي بزيادة الحرص، مما يظهر أهمية الاستجابة الكاملة لأوامر الله ورسوله في حياة المسلم.
العظمة والعزة في حياة المؤمن
العظمة والعزة تأتي من اتباع أوامر الله، بينما الذل والهوان ينتظر من يختار عصيانه. "إما أن تكون عبدًا لله فتعيش عظيمًا عزيزًا، أو أن تكون عبدًا لنفسك فتكون أحقر منزلةً في الحياة". يؤكد هذا القول أن العبد إذا اختار طاعة الله واتخاذه وليًا وسندًا في حياته، فإنه سيعيش في عزة وكرامة. وعلى النقيض، من يختار اتباع هواه ورغباته الشخصية يعيش في انكسار دائم، ويشعر بالنقص والذل.
طاعة الله والرسول هي سبيل الحياة السعيدة
في الختام، على المؤمن أن يختار طريق الله وطاعة رسوله ليحقق لنفسه العزة والكرامة، ويبتعد عن الهموم والضيق. إن طاعة الله ورسوله ليست خيارًا، بل هي حياة وعزة. وبهذا فإن موقع راموس المصري Ramos Al-Masry يدعو الجميع إلى الاستقامة في طريق الله والتمسك بهدي رسوله، فهي الطريقة المثلى لتحقيق السعادة والراحة في الدنيا والآخرة.