recent
أخبار ساخنة

محرك بحث جوجل (Google search)

مخاوفي من الزواج: لماذا أخشى التفاصيل والغيرة والشك في العلاقة الزوجية؟

Mahmoud
الصفحة الرئيسية
رسم كرتوني لرجل شاب يجلس بحزن ويفكر، وخلفه امرأة تشير إليه بغضب، في جو يغلب عليه اللونان البنفسجي والأزرق، يعبّر عن التوتر والقلق في العلاقة.

أخاف أن أتزوج واحدة…

أخاف أن أتزوج واحدة تُلاحقني على كل صغيرة، تسألني أين كنت ومع من، تفتش في هاتفي، وتظن أن الصمت خيانة. أخاف أن يصبح كل يوم معها تحقيقًا لا علاقة.

أخاف أن تتحول أيامنا إلى مجرد أسئلةٍ بلا أجوبة، وأن يصبح الحوار محاكمةً يوميةً لا تنتهي. ماذا سأفعل حين أعودُ إلى البيت وأنا مُحاصرٌ بآلاف الأسئلة التي ليس لديّ لها جواب؟ كيف سأعيشُ مع امرأةٍ تعتقدُ أنني مُدانٌ حتى وإن ثبتت براءتي؟

إنني أرغبُ في حياةٍ لا أضطرُ فيها للشرح كل لحظةٍ أعيشُها، ولا أدافعُ فيها عن هدوئي أو سكوني أو شرودي. أريدُ أن تكون الثقةُ جسرًا لا يهتز، لا أن تتحول إلى حبلٍ يلتفُّ حول عنقي فيخنقني بالتفاصيل.

تقلقني فكرةُ أن تكون شريكةُ عمري قاضياً وجلاداً في آنٍ معاً، تحكمُ عليّ بالشك قبل اليقين، وبالذنب قبل البراءة. تُرى هل من الممكن أن يعيشَ الإنسان حياةً سليمةً في ظلّ هاجسِ الرّيبة؟ وهل هناك قلبٌ قادرٌ على تحمل هذا الكم من الشكِّ دون أن يتمزق؟

أريد أن يكون بيتي ملاذاً وليس سجناً. أن أعود إليه لأنسى همومي وليس لأزيد عليها. أتمنى امرأةً تفهم أن صمتي ليس إلا حاجةً للراحة، وليس تهرباً من الحقيقة. امرأةً ترى في هاتفي مجرد أرقامٍ وأسماءٍ وليس خريطةً لخيانةٍ محتملة.

كم من الأزواجِ تحوّلوا إلى أعداءٍ بسبب التفاصيل الصغيرة؟ كم من البيوت انهارت لأن الثقة تلاشت أمام هوسِ التحكمِ والسيطرةِ؟ لا أريدُ أن أُضاف إلى قائمةِ هؤلاء الذين فقدوا حياتهم وسعادتهم تحت وطأةِ المراقبة الدائمة.

أخافُ من امرأةٍ لا تفهم أن الحبَّ حريةٌ واحترام، وأن الثقةَ ليست منحةً مشروطةً، بل هي الأساسُ المتينُ لأي علاقةٍ ناجحة. إن الحبَّ الحقيقي لا يقومُ على التفتيش والرقابة، بل يقومُ على الإيمان المطلق بالزوج.

أخاف أن تُفقدني غيرتُها حريتي، وأن يتحول الحبُّ إلى قيدٍ يقتل فيّ كل شعورٍ جميل. كيف لي أن أشعر بالسعادةِ إذا كانت خطواتي مراقبةً، وكلماتي محسوبةً، وابتساماتي مدانةً؟

لقد رأيتُ رجالًا فقدوا ابتسامتهم بسبب زوجاتٍ حولن حياتهم إلى سجنٍ كبير، ورأيتُ نساءً فقدن هدوءهن لأن الشك استولى على عقولهن. ولا أريد أن أعيش هذه التجربة المريرة، ولا أريد أن يصبح زواجي درسًا في المعاناة بدلاً من أن يكون درسًا في السعادة.

أخاف من المرأة التي لا تعرف حدودًا للغيرة، التي لا تفرّق بين الحب والامتلاك. أخاف من التي تظنني ملكًا لها، قطعةً من أثاثِ البيت، لا إنسانًا يحتاج إلى مساحته الخاصة وإلى لحظاتِ تأملٍ وسكون.

أريد امرأةً أكون معها حرًا كطيرٍ في السماء، لا كسجينٍ في زنزانة. امرأةً أثق بها وتثق بي، امرأةً تدرك أنني أحبها بما يكفي كي لا أخون، وأنني أحترمها بما يكفي كي لا أجرح.

أخاف أن أستيقظ يومًا فأجد أنني فقدت نفسي في محاولة إرضائها، وأنني تنازلتُ عن كل ما أحب من أجلِ تجنب المواجهات التي لا تنتهي. أخاف أن يأتي اليوم الذي لا أتعرف فيه على نفسي، لأنني تنازلتُ عنها قطعةً قطعة.

أريد علاقةً لا تكون فيها الثقة موضع نقاشٍ يومي، بل حقيقةً راسخةً كالشمس التي تشرق كل صباح. أريد حبًا يضيف لحياتي بهجةً ولا يسلب منها سلامها.

لقد شاهدتُ الكثير من القصص حولي، قصصًا كان من الممكن أن تكون سعيدةً لولا أن التفاصيل قتلتها. كم هو مؤلمٌ أن تتحول التفاصيلُ الصغيرةُ إلى وحوشٍ كبيرةٍ تنهشُ في قلوبِ أصحابها!

أخاف أن يكون مصيري مثل هؤلاء الذين غرقوا في تفاصيلٍ لا معنى لها، وفقدوا لذةَ الحياة بسبب أسئلةٍ لا تنتهي وشكوكٍ لا أساس لها. أخافُ أن تتحول الحياة إلى مجرد معركةٍ يوميةٍ للبقاء، بدلاً من أن تكون رحلةً جميلةً نستمتعُ فيها سويًا.

أنا مؤمنٌ بأن الحب الحقيقي لا يحتاجُ إلى مراقبةٍ ولا تحقيق، بل يحتاجُ إلى قلوبٍ ناضجةٍ تفهمُ أن الحياة ليست دائمًا بالأبيض والأسود. وأن هناك ظلالًا رماديةً كثيرةً لا تعني بالضرورةِ الخيانة أو الغدر.

أريد أن أعيش قصةَ حبٍّ لا تلوثُها الشكوك، ولا تقتلها الأسئلةُ التي لا تنتهي. أريد أن أرتاح في بيتي، وأشعر بالأمان مع من اخترتها لتشاركني حياتي، لا أن أعيش خائفًا من أسئلةٍ قد تأتي في أي وقت، ومن شكٍّ قد يدمر كل شيءٍ جميل.

أريد امرأةً تكون هي الطمأنينة، لا أن تكون هي مصدر القلق والتوتر. امرأةً تكون حياتي معها هادئةً وبسيطةً، لا تعقيدَ فيها ولا حواجزَ ولا سجون.

أخاف أن أتزوج امرأةً تقتلُ الحبَّ بالتفاصيل، وتحوّلُ البيتَ إلى حقلِ ألغامٍ كل خطوةٍ فيه قد تكون الأخيرة. أريدُ بيتًا آمناً، وقلبًا آمناً، وحبًّا آمناً.

وأخاف أن أستيقظ ذات يومٍ وأدرك أنني أخطأت الاختيار، وأنني تزوجتُ امرأةً لا تشبهني، امرأةً لا تفهمُ من الحب سوى الامتلاك، ومن الزواج سوى السيطرة.

أخافُ حقًا من كل هذه التفاصيل، وأتمنى أن لا يكون خوفي مبالغًا فيه، وأن يكون الواقع أجمل بكثير من كل تلك المخاوف. أتمنى أن يكون هناك قلبٌ يفهمني، ويطمئنُ خوفي، ويخبرني بأن الحب ما زال قادرًا على أن يكون ملاذًا وليس سجنًا.
google-playkhamsatmostaqltradent