هل جرّبت أن تبدأ مدونتك بحماس كبير، تكتب مقالًا بعد آخر، ثم تكتشف أنّ لا أحد يقرأ لك تقريبًا؟ تدخل يوميًا إلى لوحة التحكم، تبحث عن زيارات أو أرباح من الإعلانات، فلا تجد سوى أرقام باهتة. وقتها تشعر وكأنك تكتب في فراغ، أليس كذلك؟ هذه التجربة ليست غريبة، بل يعيشها معظم المبتدئين الذين يدخلون عالم التدوين باندفاع، لكنهم يخرجون منه بسرعة بعدما يصطدمون بالواقع القاسي.
في السطور التالية، سنتحدث بصدق وبأسلوب مباشر عن الأسباب التي تجعل الكثيرين يفشلون في التدوين، وسنغوص معًا في التفاصيل الصغيرة التي تفسر لماذا لا تأتي النتائج، رغم أن الجهد المبذول قد يبدو كبيرًا. وسنفتح لك الطريق برؤية أوضح تساعدك على تجاوز العقبات.
![]() |
مدون شاب يبحث عن أفكار جديدة. |
المقالات الكثيرة لا تعني الزيارات الكثيرة
كثير من المبتدئين يظنون أن السر في التدوين هو العدد: المزيد من المقالات يعني المزيد من الزيارات. لكن هذه فكرة غير صحيحة. تخيل طالبًا يذاكر عشر ساعات يوميًا، لكنه يقرأ من ملخصات خاطئة أو يركز على موضوعات لن تُسأل في الامتحان. هل سينجح؟ غالبًا لا.
المدونة تشبه ذلك الطالب تمامًا. يمكنك أن تكتب خمسين مقالًا، لكن إن كانت كلها بعيدة عن اهتمامات الناس، أو لا تحمل فائدة عملية، فستظل مدفونًا في آخر صفحات جوجل.
خذ مثالًا لصديق كتب عشرات المقالات عن "الأبراج وصفاتها". كان يتوقع أن تنهال عليه الزيارات، لكن المنافسة هناك شرسة جدًا، والمحتوى لم يكن يقدم شيئًا جديدًا. النتيجة؟ صفر متابعين تقريبًا، وإحباط متواصل.
إذن، السر ليس في الكثرة، بل في القيمة. مقال واحد مفيد للقارئ قد يكون أفضل من عشرات المقالات التي لا تحمل روحًا ولا تقدم جديدًا.
التدوين ليس نسخ معلومات من ويكيبيديا
تخيّل نفسك في سوق شعبي. يقترب منك بائع يردد عبارات محفوظة بلا حماس، لا يحاول إقناعك بسلعته، فتواصل طريقك من دون أن تفكر بالشراء. أليس كذلك؟
المدونات التي يكتبها المبتدئون تشبه هذا البائع. ينسخون معلومات متكررة من ويكيبيديا أو مواقع أخرى ويعرضونها بطريقة جامدة. لكن القارئ لا يبحث عن نسخة جديدة من نفس الكلام. هو يريد صوتًا بشريًا، تجربة حقيقية، أو حلًا عمليًا لمشكلته.
خذ مثلًا كاتبًا شابًا كتب مقالًا بعنوان "كيفية ادخار المال للشباب". المقال لم يكن سوى نقاط عامة: قلل مصاريفك، لا تخرج كثيرًا، ادخر من مصروفك… كلام يعرفه الجميع. النتيجة؟ لا أحد يهتم.
لكن لو حكى تجربته الشخصية: "كنت أنفق يوميًا على القهوة 25 جنيهًا، ثم قررت أن أعدها في المنزل، فوفرت 750 جنيه شهريًا" – هنا سيتفاعل القارئ. سيشعر أنك واحد منه، لا مجرد كاتب بعيد يكرر ما قيل آلاف المرات.
غياب الخطة يقتل الشغف بسرعة
تخيّل نفسك تدخل مطبخًا بلا وصفة واضحة. تبدأ بتقطيع البصل، تضيف الملح، ثم تتذكر أن الخضار غير موجود. بعد ساعة من الفوضى، تجد نفسك أمام طبق غير صالح للأكل.
هذا بالضبط ما يحدث حين تكتب مقالاتك بلا خطة. المبتدئ عادة يكتب كل ما يخطر على باله: اليوم مقال عن الأكل، غدًا عن الألعاب، وبعد غد عن السياسة. في النهاية لا جوجل يعرف تخصص مدونتك، ولا القارئ يعرف لماذا يتابعك.
التدوين يحتاج إلى تركيز على مجال واحد واضح، حتى تتشكل لك هوية في نظر القارئ ومحركات البحث معًا. العشوائية هي أسرع طريقة لفقدان الشغف.
الصبر عملة نادرة عند المبتدئين
في عالمنا العربي، نحب النتائج السريعة. نزرع اليوم ونريد أن نحصد غدًا. لكن التدوين ليس زرًا سحريًا. يحتاج وقتًا حتى تبدأ المدونة في جذب الزوار بشكل طبيعي.
كثيرون يتركون مدوناتهم بعد شهرين أو ثلاثة، لأنهم لم يروا زيارات كافية. بينما لو صبروا قليلًا، واستمروا في الكتابة بخطة واضحة، لبدأوا يحصدون الثمار.
أول مئة زيارة من جوجل قد تحتاج شهورًا. لكن بعد أن تثبت نفسك، تبدأ الأرقام في الزيادة تلقائيًا. الصبر هنا ليس مجرد نصيحة؛ بل شرط أساسي.
ما الحل إذًا؟ خلاصة عملية للمبتدئ
إذا كنت الآن تشعر أنك تكتب في صحراء بلا جمهور، فإليك بعض النقاط التي أثبتت التجربة أنها تنقذك من الدوامة:
- توقف عن العشوائية. اختر مجالًا واحدًا تعرف أنك تحبه وتستطيع الاستمرار فيه.
- اكتب وكأنك تتحدث مع صديقك أو قريبك. اجعل لغتك بسيطة، وحاول إدخال قصص من حياتك.
- ابحث عن الأسئلة التي يطرحها الناس فعلًا على جوجل، ثم أجب عنها بإجابات عملية ومباشرة.
- تذكر دائمًا أن المدونة مثل الشجرة. تحتاج وقتًا ورعاية حتى تؤتي ثمارها.
قبل أن تبدأ مقالك القادم، افتح جوجل، وابحث عن سؤال يتوقع أن يطرحه القارئ في مجالك. اقرأ ما كُتب، ثم حاول أن تقدم إجابة مختلفة، عملية، وقريبة من الناس.
الطريق إلى النجاح في التدوين يبدأ بخطوة واحدة
رحلة التدوين ليست سهلة، لكنها ممتعة إذا تعاملت معها كحوار مستمر مع جمهورك. كل مقال تكتبه فرصة جديدة لبناء ثقة مع القارئ. لا تجعل الإحباط يعميك عن هذه الحقيقة.
حين تبدأ في كتابة مقالات تشبه الحوارات الإنسانية لا التقارير الجافة ولا النصوص التي ينشأها الذكاء الاصطناعي التي تشبه بعضها، ستلاحظ الفرق. زياراتك ستبدأ بالتحرك للأعلى، وستشعر أن حلم الدخل من التدوين صار حقيقة تقترب منك كل يوم.
أسئلة شائعة حول فشل المبتدئين في التدوين
ما السبب وراء غياب الزيارات رغم كتابة مقالات كثيرة؟
لأن الكثرة وحدها لا تكفي، بل القيمة هي ما يجذب القارئ ويجعل المقال يظهر في نتائج البحث.
لماذا لا يتفاعل القراء مع المقالات المنسوخة؟
لأن القارئ يبحث عن صوت بشري وتجربة واقعية، لا عن تكرار معلومات محفوظة متداولة.
كيف تؤثر العشوائية في اختيار المواضيع على المدونة؟
تجعل المدونة بلا هوية واضحة، فيصعب على جوجل والقارئ فهم هدفها أو متابعتها.
هل يمكن تحقيق النجاح السريع في التدوين؟
التدوين يحتاج وقتًا وصبرًا طويلًا، والنتائج لا تأتي إلا بعد شهور من الاستمرار بخطة واضحة.
ما الذي يجعل المقالات تبدو أكثر إنسانية؟
الكتابة بأسلوب قصصي وتجارب شخصية تجعل القارئ يشعر بالقرب والتفاعل مع المحتوى.
كيف أختار المجال المناسب للتدوين؟
اختر مجالًا واحدًا تحبه وتعرف أنك قادر على الاستمرار فيه لسنوات، بدلًا من التنقل بين مجالات عشوائية.
هل يمكن تحقيق الدخل من التدوين حقًا؟
نعم، لكن بشرط الالتزام بخطة، وصبر على النتائج، وتقديم محتوى أصيل وعملي يفيد القارئ.