recent
أخبار ساخنة

محرك بحث جوجل (Google search)

سأنزعكِ مني مهما كلفني ذلك ألمًا

Mahmoud
الصفحة الرئيسية
رسم كرتوني لرجل يجلس على سريره في غرفة مظلمة، يبدو عليه الحزن والإنهاك، يضع يده على رأسه، بينما تظهر في الخلفية ظلّ امرأة تقف أمام نافذة في هدوء الليل، ويغلب على المشهد ألوان زرقاء وبنفسجية توحي بالكآبة والحنين.

ذات مرة صارحتيني بأنكِ لا تطيقين البعد عني. كنتِ تقولين أن الأيام من دوني تصبح باهتة، والليالي تُطفئ نجومها إن لم أكن قربك. كنتُ أبتسم وقتها وأظن أن الحياة أخيرًا قررت أن تصالحني بكِ. لم أكن أدري أنني أعيش في حلمٍ صغير، حلمٍ سينهار يومًا ما فوق رأسي، ويتركني أُكفكف دموعي بصمت كما أفعل الآن.

أتساءل في نفسي، كيف حالكِ الآن؟ هل البعد عني يؤلمك؟ أم أنني أصبحت مجرد اسم في أرشيف الذاكرة؟ هل تتذكرينني حين تسمعين أغنية كنا نحبها؟ أم صرتِ تمرين على الذكرى مرور الكرام دون أن يتحرك فيكِ شيء؟
أنا… أنا لا زلت أكتب إليك وكأنني أكتب لأعمى، لا يراني، وكأنني أنتظر الجواب من أخرس، لا يستطيع الرد. لكنني أكتب. أكتب لأنني لا أستطيع أن أُطفئ هذا الحريق داخلي، لا أملك حيلة غير الكتابة، ولا دواء غير الحروف.

ليتكِ غريبة.
ليتني ما عرفتك.
ليت بيننا كان لقاء عابر لا أكثر.
ليت الحياة لم تسمح لنا أن نلتقي في التوقيت الخاطئ، والمكان الخاطئ، بالشعور الصحيح.
لكن ما الفائدة الآن من كل هذا "الليت"؟ ماذا يفعل الحزن غير أن يستمر؟ ما فائدة أن نندم بعد أن تكسرت الأشياء الجميلة التي بنيناها معًا؟

أحاول أن أُقنع نفسي أن الأمر مجرد ألمٍ عابر.
أنني سأستيقظ يومًا ولن يخطر ببالي اسمك، لن يوجعني تذكر ضحكتك، لن ينهار قلبي حين أتذكر كيف كنتِ تقولين "بحبك" كأنكِ تبنين لي وطنًا.
لكنني أكذب على نفسي، وأعلم أنني أكذب.
لأنكِ لم تكوني عابرة، ولم أكن عابرًا، وحتى الألم الذي تظنينه بسيطًا، أعمق بكثير مما تتخيلين.

صعبٌ جدًا أن أحبك بهذا الشكل… وأنسحب.
أصعب منه أن أكرهك فقط لأتجاوزك… ولا أستطيع.
كنتِ دائي ودوائي، الآن صرتِ سمّي الوحيد.

حين أحببتك، لم أكن أبحث عن تجربة جديدة. لم أكن أبحث عن تسلية أو حكاية عابرة أرويها في مجلس الأصدقاء.
كنتُ أبحث عن سكن. عن أمان. عن دفء امرأة تقول لي: "أنا معك مهما حدث."
لكن ما حدث، أنكِ لم تكوني معي عندما حدث كل شيء.

حين بدأت أشعر أنكِ تتغيرين، أن نظراتك صارت غريبة، أن نبرة صوتك فقدت دفئها، كنت أكذب نفسي. أقول: "يمكن مرهقة، يمكن مضغوطة، يمكن الدنيا تعبّاها."
لكن الحقيقة كانت أبسط، وأقسى:
أنتِ فقط لم تعودي تحبيني.

المشكلة ليست في أنكِ ابتعدتِ.
ولا في أنني رأيتكِ تتغيرين أمام عيني ولم أستطع أن أفعل شيئًا.
المشكلة أنني أحببتك جدًا… للدرجة التي جعلتني أضع قلبي تحت قدميك، وأنتِ ببساطة… دهستِه.

أحيانًا أستعيد كلماتكِ حين قلتِ لي: "لا أستطيع العيش من دونك."
فأبتسم، لا فرحًا، بل دهشةً… كيف؟
كيف لمن كانت لا تطيق غيابي، أن تمضي في الحياة بدوني؟
وكأنني لم أكن، وكأنّ ما كان بيننا لم يحمل شيئًا من الألم أو الوداد؟

أدرك جيدًا أن الناس يتغيرون.
لكنني كنت أظنّكِ من أولئك الذين لا تهزّهم الأيام، ولا تُبدّلهم الظروف.
كنتُ ساذجًا حين صدّقت أن الوجوه التي نحبها لا تخون، وأن القلوب التي نُهديها كل شيء لن ترحل يومًا.
لكنني تعلمت الآن… أنه لا أحد يدوم.
ولا أحد وفيّ بما يكفي ليحتملنا في جميع حالاتنا.

أنا الآن أكتب إليكِ، لا رجاءً، ولا لأستدرّ عطفكِ، ولا رغبةً في العودة.
أكتب فقط لأنكِ وجعٌ لا يُفهم، حزنٌ لا يُقال.
أكتب لأنني لا أستطيع أن أبكي أمام الناس، ولا أجرؤ حتى أن أضعف أمام نفسي.
الكتابة وحدها تبكيني دون خجل، وتفجّر داخلي صرخةً لا يسمعها سواي.

اغفري لي إن بدوتُ قاسيًا في حديثي.
واغفري لي أيضًا إن بقي الحنين إليك رغم ما ارتكبتِ.
فالقلوب ليست من حجر،
وليس كل من أحبّ استطاع أن يتحول إلى كارهٍ في لمح البصر.

أنا لا أطلب منكِ رجوعًا،
ولا أُريد حتى اعتذارًا.
كل ما أريده هو أن أتعافى،
أن أستعيد ذاتي من أنقاضك، أن أُخرجكِ من أعماقي، ولو كان الثمن دمًا ونزفًا ووجعًا لا يُطاق.
سأنزعكِ مني، وإن كان في ذلك نهايتي.
لأن الحب لا يليق به الذل،
ولأن الكرامة إن سقطت، فلا شيء بعدها يُبقي القلب على قيد الحياة.

هل تعلمين ما يوجعني حقًا؟
أنني لم أكرهك رغم كل ما حدث.
رغم غيابك، رغم إهمالك، رغم انطفائي من جرحك…
لا زلتُ أحبك.
لكنني قررت أن أُحبك من بعيد.
من تلك المسافة التي لا تصلين فيها إليّ،
من تلك الزاوية التي لا تؤذيني فيها نظرتكِ، ولا تنهكني فيها برودتكِ.
لأنني لم أعد أحتمل أن أكون الأضعف دومًا.

هل تعلمين ما هو الأصعب؟
أن تكوني حاضرةً في كل تفاصيل يومي، في ذاكرتي، في ملامح الأشياء من حولي…
ثم تختفين.
أن أشتاق إليكِ، ولا أملك حتى شجاعة الحديث.
أن أراكِ في حلمٍ، ثم أفتح عينيّ لأجدكِ لا شيء سوى ظلٍّ بعيد.

أعدكِ بأمرٍ واحد فقط:
سأنساكِ.
سأنساكِ رغم أن قلبي قد يُعاندني.
سأنساكِ ولو اضطررت إلى محو كل شيء:
الأغاني التي جمعناها، الصور التي كانت لنا، الرسائل التي شهدت حنيننا، حتى الأماكن التي ضحكنا فيها… سأجعلها بلا ذاكرة.

لن أكون ذاك الرجل الذي يطأ كرامته باسم الحب،
ولا ذاك الذي يبكي امرأةً فضّلت الغياب على البقاء.
أنا لا أكرهكِ… ولكنني أكره نفسي حين تتألم من أجلكِ.
ولن أسمح لنفسي أن تبقى أسيرةً لحبٍ لا يليق بها.

ربما تقرئين كلماتي يومًا ما،
وربما لن تعلمين أبدًا أنها كُتبت عنكِ.
لكنني واثق تمامًا من شيءٍ واحد:
أنني لم أقصّر يومًا،
ولم أخذلكِ يومًا.
كنتُ دومًا رجلًا يستحق أن يُحتضن، أن يُبقى عليه.
لكنكِ اخترتِ الفُراق…
فامضي إذًا، ولا تعودي.
google-playkhamsatmostaqltradent